فصل: الباب الثاني عشر في دعوى الدين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفتاوى الهندية



.(الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي دَعْوَى الطَّرِيقِ وَالْمَسِيلِ):

لَوْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ حَقَّ الْمُرُورِ وَرَقَبَةَ الطَّرِيقِ فِي دَارِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الدَّارِ، وَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ يَمُرُّ فِي هَذِهِ الدَّارِ لَمْ يَسْتَحِقَّ بِهَذَا شَيْئًا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ لَهُ طَرِيقًا فِي هَذِهِ الدَّارِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَحُدُّوا الطَّرِيقَ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- ذُكِرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهَا لَمْ تُقْبَلْ مَا لَمْ يُبَيِّنْ مَوْضِعَ الطَّرِيقِ أَنَّهُ فِي مُقَدَّمِ الدَّارِ أَوْ فِي مُؤَخَّرِهَا، وَيَذْكُرُ طُولَ الطَّرِيقِ وَعَرْضَهَا قَالَ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَمَا ذُكِرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهَا تُقْبَلُ وَإِنْ لَمْ يَحُدُّوا الطَّرِيقَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا اسْتَشْهَدُوا عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالطَّرِيقِ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ الصَّحِيحُ أَنَّهَا تُقْبَلُ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرُوا مَوْضِعَ الطَّرِيقِ وَمِقْدَارَهَا؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ إنَّمَا تَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ إذَا تَعَذَّرَ الْقَضَاءُ بِهَا وَهَهُنَا لَا يَتَعَذَّرُ فَإِنَّ عَرْضَ الْبَابِ الْأَعْظَمِ يُجْعَلُ حَكَمًا بِمَعْرِفَةِ الطَّرِيقِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
فِي بَابِ الْيَمِينِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ هَذِهِ الشَّهَادَةَ مَقْبُولَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ وَتَرَكَ هَذِهِ الطَّرِيقَ مِيرَاثًا لَهُ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا كَانَ لَهُ بَابٌ مَفْتُوحٌ مِنْ دَارِهِ عَلَى حَائِطٍ فِي زُقَاقٍ أَنْكَرَ أَهْلُ الزُّقَاقِ أَنْ يَكُونَ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ فِي زُقَاقِهِمْ فَلَهُمْ مَنْعُهُ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّ لَهُ طَرِيقًا ثَابِتًا فِيهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا كَانَ الْمِيزَابُ مَنْصُوبًا إلَى دَارِ الرَّجُلِ وَاخْتَلَفَا فِي حَقِّ إجْرَاءِ الْمَاءِ وَإِسَالَتِهِ فَإِنْ كَانَ فِي حَالِ عَدَمِ جَرَيَانِ الْمَاءِ لَا يَسْتَحِقُّ إجْرَاءَ الْمَاءِ وَإِسَالَتَهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الدَّارِ أَيْضًا أَنْ يَقْطَعَ الْمِيزَابَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَحَكَى الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّهُمْ اسْتَحْسَنُوا أَنَّ الْمِيزَابَ إذَا كَانَ قَدِيمًا وَكَانَ تَصْوِيبُ السَّطْحِ إلَى دَارِهِ وَعَلِمَ أَنَّ التَّصْوِيبَ قَدِيمٌ وَلَيْسَ بِمُحْدَثٍ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ حَقَّ التَّسْيِيلِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي حَالِ جَرَيَانِ الْمَاءِ قِيلَ: الْقَوْلُ لِصَاحِبِ الْمِيزَابِ وَيَسْتَحِقُّ إجْرَاءَ الْمَاءِ، وَقِيلَ: لَا يَسْتَحِقُّ فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ لَهُ حَقُّ الْمَسِيلِ وَبَيَّنُوا أَنَّهُ لِمَاءِ الْمَطَرِ مِنْ هَذَا الْمِيزَابِ فَهُوَ لِمَاءِ الْمَطَرِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسِيلَ مَاءَ الِاغْتِسَالِ وَالْوُضُوءِ فِيهِ، وَإِنْ بَيَّنُوا أَنَّهُ لِمَاءِ الِاغْتِسَالِ وَالْوُضُوءِ فَهُوَ كَذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسِيلَ مَاءَ الْمَطَرِ فِيهِ، وَإِنْ قَالُوا لَهُ فِيهَا حَقُّ مَسِيلِ مَاءٍ وَلَمْ يُبَيِّنُوا لِمَاءِ الْمَطَرِ أَوْ غَيْرِهِ صَحَّ وَالْقَوْلُ لِرَبِّ الدَّارِ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ لِمَاءِ الْمَطَرِ أَوْ لِمَاءِ الْوُضُوءِ وَالْغُسَالَةِ، وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ فِي الْمَسِيلِ وَفِي الطَّرِيقِ تُقْبَلُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ أَصْلًا اسْتَخْلَفَ صَاحِبَ الدَّارِ وَيَقْضِي فِيهِ بِالنُّكُولِ كَذَا فِي الْحَاوِي.
فِي نَوَادِرِ هِشَامٍ قَالَ سَأَلْتُ مُحَمَّدًا- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- عَنْ رَجُلٍ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّ مَجْرَى مَائِهِ فِي بُسْتَانِهِ وَلَمْ يَكُنْ الْمَاءُ جَارِيًا يَوْمَ اخْتَصَمَا فَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ كَانَ جَارِيًا إلَى بُسْتَانِ هَذَا أَمْسِ قَالَ كَانَ أَبُو يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يُجِيزُ هَذِهِ الشَّهَادَةَ وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- لَا يُجِيزُهَا مَا لَمْ يَشْهَدُوا لَهُ بِالْمِلْكِ أَوْ الْحَقِّ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَلَوْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ قِبَلَ آخَرَ ناوقا مَوْضُوعًا عَلَى نَهْرِهِ هَذَا أَمْسِ جَاءَ السَّيْلُ وَقَلَعَهُ أَمْسِ وَرَمَى بِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- إذَا شَهِدُوا بِذَلِكَ أَمَرْنَا بِإِعَادَةِ الناوق كَمَا كَانَ فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُجْرِيَ الْمَاءَ فَمَنَعَهُ صَاحِبُ النَّهْرِ وَجَحَدَ أَنْ يَكُونَ لَهُ فِيهَا حَقُّ إجْرَاءِ الْمَاءِ قَالَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ مَجْرَى مَائِهِ فِيهَا قِيلَ لِمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فَمَا مَنْفَعَتُهُ إذْن قَالَ يَسْتَأْجِرُ صَاحِبُ النَّهْرِ إنْ شَاءَ بِإِجْرَاءِ الْمَاءِ فِيهِ وَذَلِكَ جَائِزٌ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
نَهْرٌ فِي أَرْضِ رَجُلٍ يَسِيلُ فِيهِ الْمَاءُ فَاخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْمَاءِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ صَاحِبُ الْأَرْضِ بَيِّنَتَهُ أَنَّ النَّهْرَ مِلْكُهُ وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ جَارِيًا وَقْتَ الْخُصُومَةِ إلَّا أَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ يَجْرِي إلَى أَرْضِ هَذَا الرَّجُلِ قَبْلَ ذَلِكَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ صَاحِبِ الْمَاءِ وَيَقْضِي لَهُ بِالنَّهْرِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ صَاحِبُ الْأَرْضِ بَيِّنَةً أَنَّ النَّهْرَ مِلْكُهُ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْمَاءُ جَارِيًا إلَى أَرْضِ هَذَا الرَّجُلِ وَقْتَ الْخُصُومَةِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِجَرَيَانِهِ إلَى أَرْضِهِ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَقْضِي لِصَاحِبِ الْأَرْضِ بِالنَّهْرِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ صَاحِبُ الْمَاءِ بَيِّنَةً أَنَّ النَّهْرَ مِلْكُهُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي الْمُنْتَقَى قَالَ هِشَامٌ: سَأَلْتُ مُحَمَّدًا- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- عَنْ نَهْرٍ عَظِيمِ الشِّرْبِ لِأَهْلِ قُرًى لَا يُحْصَوْنَ حَبَسَهُ قَوْمٌ مِنْ أَعْلَى النَّهْرِ عَنْ الْأَسْفَلِينَ وَقَالُوا: هُوَ لَنَا وَفِي أَيْدِينَا، وَقَالَ الَّذِينَ هُمْ فِي أَسْفَلِ النَّهْرِ: هُوَ لَنَا كُلُّهُ وَلَا حَقَّ لَكُمْ فِيهِ قَالَ: إذَا كَانَ النَّهْرُ يَجْرِي إلَى الْأَسْفَلِينَ يَوْمَ يَخْتَصِمُونَ تُرِكَ يَجْرِي عَلَى حَالِهِ كَمَا كَانَ يَجْرِي وَشِرْبُهُمْ جَمِيعًا مِنْهُ كَمَا كَانَ وَلَيْسَ لِلْأَعْلَيْنَ أَنْ يَسْكُرُوهُ عَنْهُمْ، وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ مُنْقَطِعًا عَنْ الْأَسْفَلِينَ يَوْمَ يَخْتَصِمُونَ لَكِنْ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ يَجْرِي إلَى الْأَسْفَلِينَ فِيمَا مَضَى، وَأَنَّ أَهْلَ الْأَعْلَى حَبَسُوهُ عَنْهُمْ، أَوْ أَقَامَ أَهْلُ الْأَسْفَلِ بَيِّنَةً أَنَّ النَّهْرَ كَانَ يَجْرِي إلَيْهِمْ، وَأَنَّ أَهْلَ الْأَعْلَى حَبَسُوهُ عَنْهُمْ أَمَرَ أَهْلَ الْأَعْلَى بِإِزَالَةِ الْحَبْسِ عَنْهُمْ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
دَارٌ فِي السِّكَّةِ غَيْرُ نَافِذَةٍ وَفِي السِّكَّةِ نَهْرٌ أَرَادَ صَاحِبُ الدَّارِ أَنْ يُدْخِلَ الْمَاءَ فِي دَارِهِ وَيُجْرِيه إلَى بُسْتَانِهِ فَلِلْجِيرَانِ أَنْ يَمْنَعُوهُ وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَ الْجِيرَانَ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ، وَمَنْ أَجْرَى قَبْلَ ذَلِكَ وَأَقَرَّ أَنَّهُ أَحْدَثَهُ فَلَهُمْ مَنْعُهُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَدْ يُمْنَعُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
دَارٌ بَيْنَ وَرَثَةٍ أَقَرَّ بَعْضُهُمْ أَنَّ لِفُلَانٍ فِيهَا طَرِيقًا، أَوْ مَسِيلُ مَاءٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَمُرَّ، أَوْ يُسِيلَ حَتَّى يَتَّفِقُوا وَلَكِنْ تُقْسَمُ الدَّارُ فَإِذَا قُسِمَتْ إنْ وَقَعَ الطَّرِيقُ، أَوْ الْمَسِيلُ الْمُقَرُّ بِهِ فِي نَصِيبِ الْمُقِرِّ فَلَهُ الْإِسَالَةُ وَالِاسْتِطْرَاقُ، وَإِنْ وَقَعَ فِي نَصِيبِ السَّاكِتِ يَضْرِبُ الْمُقَرُّ لَهُ بِقِيمَةِ الطَّرِيقِ وَالْمَسِيلِ فِي حِصَّةِ الْمُقِرِّ وَالْمُقِرِّ بِحِصَّتِهِ سِوَى قِيمَةِ الطَّرِيقِ أَوْ الْمَسِيلِ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِحَقِّ الْمُرُورِ وَتَسْيِيلِ الْمَاءِ لَا بِرَقَبَةِ الطَّرِيقِ حَتَّى لَوْ أَقَرَّ بِرَقَبَةِ الطَّرِيقِ فَحِينَئِذٍ يَضْرِبُ الْمُقَرُّ لَهُ بِقَدْرِ ذُرْعَانِ الطَّرِيقِ وَالْمُقِرُّ بِقَدْرِ ذُرْعَانِ نَصِيبِهِ سِوَى ذُرْعَانِ الطَّرِيقِ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا عَلَى قَوْلِهِمَا، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فَيَجِبُ أَنْ يَضْرِبَ الْمُقَرُّ لَهُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الطَّرِيقِ وَالْمَسِيلِ وَالْمُقِرُّ بِجَمِيعِ قِيمَةِ نَصِيبِهِ إلَّا قَدْرَ قِيمَةِ نِصْفِ الطَّرِيقِ وَالْمَسِيلِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا كَانَ مَسِيلُ مَاءٍ فِي دَارِ رَجُلٍ فِي قَنَاةٍ فَأَرَادَ صَاحِبُ الْقَنَاةِ أَنْ يَجْعَلَهُ مِيزَابًا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِرِضَا صَاحِبِ الدَّارِ، وَلَوْ كَانَ مِيزَابًا فَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَهُ قَنَاةً فَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى صَاحِبِ الدَّارِ بِأَنْ احْتَاجَ إلَى هَدْمِ حَافَّتَيْ النَّهْرِ لِجَعْلِهِ قَنَاةً فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِرِضَا صَاحِبِ الدَّارِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى صَاحِبِ الدَّارِ بِأَنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى ذَلِكَ بِأَنْ كَانَ الْمِيزَابُ عَرِيضًا فَلَهُ ذَلِكَ وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّهُ إذَا تَسَاوَى الْأَمْرَانِ فِي الضَّرَرِ فَلَهُ أَنْ يَجْعَلَ الْقَنَاةَ مِيزَابًا وَالْمِيزَابَ قَنَاةً، وَمِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مَنْ قَالَ: مَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي الْكِتَابِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ لَهُ حَقُّ الْمَسِيلِ لَا غَيْرُ، فَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْبُقْعَةُ الَّتِي يَسِيلُ فِيهَا الْمَاءُ مِلْكَهُ فَلَهُ أَيْضًا أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهَا كَيْفَ يَشَاءُ قَالَ فِي الْكِتَابِ: فَإِنْ كَانَ الْمِيزَابُ عَلَى الْهَوَاءِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَهُ قَنَاةً، وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَهُمَا إذَا كَانَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ فِيهِ ضَرَرٌ، أَوْ لَمْ يَكُنْ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَهُ مِيزَابًا أَطْوَلَ مِنْ مِيزَابِهِ، أَوْ أَعْرَضَ، أَوْ أَقْصَرَ، أَوْ أَرَادَ أَنْ يُسِيلَ مَاءَ سَطْحٍ آخَرَ فِي كِتَابِ الْمِيزَابِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِرِضَا أَهْلِ الدَّارِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ أَرَادَ أَهْلُ الدَّارِ أَنْ يَبْنُوا حَائِطًا لِيَسُدُّوا مَسِيلَهُ، أَوْ أَرَادُوا أَنْ يَنْقُلُوا الْمِيزَابَ مِنْ مَوْضِعِهِ، أَوْ يَرْفَعُوهُ، أَوْ يُسْفِلُوهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ ذَلِكَ، وَلَوْ بَنَى أَهْلُ الدَّارِ بِنَاءً لِيَسِيلَ مِيزَابُهُ عَلَى ظَهْرِهِ لَهُمْ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَلَوْ كَانَ لَهُ طَرِيقٌ فِي دَارِ رَجُلٍ أَرَادَ أَهْلُ الدَّارِ أَنْ يَبْنُوا فِي سَاحَةِ الدَّارِ مَا يَقْطَعُ طَرِيقَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ ذَلِكَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَتْرُكُوا فِي سَاحَةِ الدَّارِ عَرْضَ بَابِ الدَّارِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
ذُكِرَ فِي الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي قَنَاةٍ جَارِيَةٍ يُحْتَفَرُ بَعْضُ آبَارِهَا فِي دَارِ رَجُلٍ فِي سَاحَةِ دَارِهِ، أَوْ فِي أَرْضِ رَجُلٍ عَلَيْهَا حَائِطٌ مُحِيطٌ فَادَّعَى صَاحِبُ الْقَنَاةِ ظَهْرَ آبَارِهَا وَادَّعَى صَاحِبُ الدَّارِ وَالْأَرْضِ ذَلِكَ قَالَ: أَمَّا مَا كَانَ فِي الدَّارِ فَهُوَ لِصَاحِبِ الدَّارِ، وَأَمَّا مَا فِي الْأَرْضِ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْقَنَاةِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ فِي يَدِ مَنْ هُوَ، فَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْأَرْضِ قَدْ زَرَعَهَا، أَوْ حَصَدَ زَرْعَهَا وَرَفَعَهُ قَالَ: هِيَ لِلَّذِي زَرَعَهَا؛ لِأَنَّهُ إذَا زَرَعَهَا فَقَدْ صَارَتْ فِي يَدَيْهِ، كَذَا فِي الْحَاوِي.
رَجُلٌ لَهُ قَنَاةٌ خَالِصَةٌ عَلَيْهَا أَشْجَارٌ لِقَوْمٍ أَرَادَ صَاحِبُ الْقَنَاةِ أَنْ يَصْرِفَ قَنَاتَهُ مِنْ هَذَا النَّهْرِ وَيَحْفِرَ لَهُ مَوْضِعًا آخَرَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ بَاعَ صَاحِبُ الْقَنَاةِ الْقَنَاةَ كَانَ لِصَاحِبِ الشَّجَرَةِ شُفْعَةُ جِوَارٍ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ وَالثَّلَاثِينَ.

.الباب الثاني عشر في دعوى الدين:

إذَا أَرَادَتْ الْمَرْأَةُ إثْبَاتَ بَقِيَّةِ مَهْرِهَا عَلَى الزَّوْجِ فَلَهَا ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا حَقُّ الْمُطَالَبَةِ بِبَقِيَّةِ الْمَهْرِ فِي الْحَالِ، وَكَذَلِكَ مَنْ لَهُ الدَّيْنُ الْمُؤَجَّلُ إذَا أَرَادَ إثْبَاتَهُ فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ فِي الْحَالِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
امْرَأَةٌ ادَّعَتْ مَهْرَهَا عَلَى وَارِثِ زَوْجِهَا أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا إنْ كَانَ الْوَارِثُ مُقِرًّا بِالنِّكَاحِ يَقُولُ لَهُ الْقَاضِي: أَكَانَ مَهْرُهَا كَذَا أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا؟ فَإِنْ قَالَ الْوَارِثُ لَا- يَقُولُ الْقَاضِي: أَكَانَ كَذَا يَذْكُرُ مَهْرًا دُونَ الْأَوَّلِ لَكِنَّهُ أَكْثَرُ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا؟ إنْ قَالَ لَا- يَقُولُ لَهُ الْقَاضِي: أَكَانَ كَذَا إلَى أَنْ يَأْتِيَ الْقَاضِي عَلَى مِقْدَارِ مَهْرِ الْمِثْلِ فَبَعْدَ ذَلِكَ إذَا قَالَ الْوَارِثُ لَا أَلْزَمَهُ الْقَاضِي مِقْدَارَ مَهْرِ الْمِثْلِ وَيُحَلِّفُهُ عَلَى الزِّيَادَةِ، هَذَا إذَا كَانَ الْقَاضِي يَعْرِفُ مِقْدَارَ مَهْرِ مِثْلِهَا، فَإِنْ كَانَ لَا يَعْرِفُ يَأْمُرُ أُمَنَاءَ بِالسُّؤَالِ مِمَّنْ يَعْلَمُ، أَوْ يُكَلِّفُهَا إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى مَا تَدَّعِي، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ الْمَهْرَ فِي تَرِكَةِ الزَّوْجِ فَأَنْكَرَتْ الْوَرَثَةُ النِّكَاحَ فَأَقَامَتْ بَيِّنَةً عَلَى كِلَيْهِمَا يَثْبُتُ كِلَاهُمَا، فَلَوْ أَقَامَتْ الْوَرَثَةُ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهَا أَبْرَأَتْ الزَّوْجَ عَنْ الْمَهْرِ قَبْلَ مَوْتِهِ لَا تُقْبَلُ لِلتَّنَاقُضِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعَ عَشَرَ.
امْرَأَةٌ ادَّعَتْ عَلَى حَاضِرٍ أَنَّهُ كَانَ عَلَى زَوْجِي فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ بَقِيَّةُ الْمَهْرِ كَذَا، وَأَنَّكَ ضَمِنْتَ لِي ذَلِكَ عَنْهُ، إنْ حَرُمْتُ عَلَيْهِ بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ وَإِنِّي أَجَزْتُ ضَمَانَكَ هَذَا لِنَفْسِي وَإِنَّهُ حَرَّمَنِي عَلَى نَفْسِهِ بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ فَصَارَتْ بَقِيَّةُ الْمَهْرِ وَاجِبَةً لِي عَلَيْكَ بِسَبَبِ ضَمَانِكَ هَذَا بِوُقُوعِ الْفُرْقَةِ وَتُطَالِبُهُ بِالْأَدَاءِ فَيُقِرُّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالضَّمَانِ وَيُنْكِرُ الْعِلْمَ بِوُقُوعِ الْحُرْمَةِ الْغَلِيظَةِ فَشَهِدَ الشُّهُودُ بِوُقُوعِ الْحُرْمَةِ الْغَلِيظَةِ يَحْكُمُ الْقَاضِي بِالْمَالِ عَلَى الْحَاضِرِ وَبِوُقُوعِ الْحُرْمَةِ عَلَى الزَّوْجِ الْغَائِبِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
قَالَ هِشَامٌ فِي نَوَادِرِهِ: قُلْتُ لِمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي رَجُلٍ لِي عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلِلرَّجُلِ عَلَى امْرَأَةٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَتُخَاصِمُهُ فِيهِ فَأَقَامَتْ الْمَرْأَةُ شَاهِدَيْنِ وَأَنَا غَائِبٌ أَنِّي أَقْرَرْتُ أَنَّ الدَّرَاهِمَ الَّتِي عَلَى هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يُطَالِبُهَا مِلْكٌ لِهَذِهِ الْمَرْأَةِ لَا شَيْءَ لِي فِيهَا وَإِنَّمَا هِيَ بِاسْمِي مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ بِعْتُهُ لَهَا وَالرَّجُلُ الَّذِي يُطَالِبُ الْمَرْأَةَ مُقِرٌّ بِأَنَّ لِي عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ، أَوْ مُنْكِرٌ فَأَقَامَتْ الْمَرْأَةُ بَيِّنَةً أَنَّ لِي عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَنَا أَقْرَرْتُ أَنَّهَا مِلْكٌ لَهَا، وَأَنَّ اسْمِي فِي ذَلِكَ عَارِيَّةٌ قَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: هَذَا أَمْرٌ جَائِزٌ وَالشَّهَادَةُ قَاطِعَةٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إثْبَاتُ الدَّيْنِ عَلَى الْمَيِّتِ بِحَضْرَةِ الْوَارِثِ أَوْ الْوَصِيِّ يَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي أَيْدِيهِمَا شَيْءٌ مِنْ التَّرِكَةِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ.
رَجُلٌ ادَّعَى دَيْنًا عَلَى مَيِّتٍ بِحَضْرَةِ أَحَدِ الْوَرَثَةِ فَأَقَرَّ هَذَا الْوَارِثُ صَحَّ إقْرَارُهُ وَيَلْزَمُهُ جَمِيعُ ذَلِكَ فِي حِصَّتِهِ مِنْ الْمِيرَاثِ، وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: هَذَا إذَا قَضَى الْقَاضِي عَلَى هَذَا الْوَارِثِ بِإِقْرَارِهِ، أَمَّا بِمُجَرَّدِ إقْرَارِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ الدَّيْنُ فِي نَصِيبِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ إذَا ادَّعَى بَعْضُ الْوَرَثَةِ عَلَى مُوَرِّثِهِ دَيْنًا وَصَدَّقَهُ بَعْضُ الْوَرَثَةِ وَكَذَّبَهُ الْبَعْضُ قَالَ: يَسْتَوْفِي الدَّيْنَ مِنْ نَصِيبِ مَنْ صَدَّقَهُ بَعْدَ أَنْ يَطْرَحَ نَصِيبَ الْمُدَّعِي مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ ادَّعَى عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنًا بِحَضْرَةِ أَحَدِ الْوَرَثَةِ يَثْبُتُ الدَّيْنَ فِي حَقِّ الْكُلِّ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى أَحَدُ الْوَرَثَةِ دَيْنًا عَلَى إنْسَانٍ وَأَقَامَ بَيِّنَةً يَثْبُتُ الدَّيْنُ فِي حَقِّ الْكُلِّ وَيُدْفَعُ إلَى الْحَاضِرِ نَصِيبُهُ مَشَاعًا وَلَا يُدْفَعُ إلَى الْحَاضِرِ نَصِيبُ الْغَائِبِينَ وَيُتْرَكُ فِي يَدِهِ، وَقَالَا: يُوضَعُ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ، وَصَاحِبُ الْيَدِ لَوْ كَانَ مُقِرًّا لَا يُؤْخَذُ نَصِيبُ الْغَائِبِينَ مِنْ يَدِهِ إجْمَاعًا هَذَا فِي الْعَقَارِ وَفِي الْمَنْقُولِ يُوضَعُ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ إنْ كَانَ مُنْكِرًا، وَإِنْ كَانَ مُقِرًّا يُتْرَكُ فِي يَدِهِ، وَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ لَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْأَصَحِّ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَفِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّ لَهُ عَلَى فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَنَّ فُلَانًا أَمَرَ هَذَا أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ هَذِهِ الْأَلْفَ الْوَدِيعَةَ الَّتِي عِنْدَهُ لَهُ وَجَحَدَ الْمُودِعُ الْأَمْرَ بِذَلِكَ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى الْأَلْفِ الْوَدِيعَةِ وَالْآخَرُ بِالدَّفْعِ وَقَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ وَيَنْتَصِبُ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ أَنَّ رَجُلًا مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَتَرَكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَتَرَكَ ابْنًا فَقَالَ الِابْنُ: هَذِهِ الْأَلْفُ وَدِيعَةٌ كَانَتْ عِنْدَ أَبِي لِفُلَانٍ وَجَاءَ فُلَانٌ يَدَّعِي ذَلِكَ فَصَدَّقَهُ غُرَمَاءُ الْمَيِّتِ فِي ذَلِكَ وَقَالُوا: الْأَلْفُ لِفُلَانٍ، أَوْ كَذَّبُوهُ وَقَالُوا: الْأَلْفُ لِلْمَيِّتِ، أَوْ لَمْ يُصَدِّقُوهُ، وَلَمْ يُكَذِّبُوهُ وَقَالُوا: لَا نَدْرِي لِمَنْ هِيَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي لِلْغُرَمَاءِ بِالْأَلْفِ عَنْ الْمَيِّتِ وَلَا يَجْعَلُهَا لِمُدَّعِي الْوَدِيعَةِ لَكِنْ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مَا إذَا صَدَّقَهُ غُرَمَاءُ الْمَيِّتِ إذَا قَضَى بِهَا الْقَاضِي لَهُمْ أَنْ يَرْجِعَ الْمُودِعُ وَيَأْخُذَ مِنْهُمْ بِإِقْرَارِهِمْ أَنَّهَا لَهُ هَذَا إذَا أَقَرَّ وَكَذَلِكَ إذَا جَحَدَ وَقَالَ: الْأَلْفُ لِأَبِي، أَوْ لَمْ يُقِرَّ بِهِ، وَلَمْ يَجْحَدْ، وَقَالَ: لَا أَدْرِي لِمَنْ هِيَ فَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ، فَإِذَا أَرَادَ مُدَّعِي الْوَدِيعَةِ اسْتِحْلَافَ الِابْنِ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي وَهُوَ مَا إذَا جَحَدَ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ، وَإِذَا عَرَفْتَ الْجَوَابَ فِي الْوَدِيعَةِ فَكَذَا الْجَوَابُ فِي الْمُضَارَبَةِ وَالْبِضَاعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ إذَا كَانَ فِي يَدِ الْمَيِّتِ عَيْنٌ وَأَقَرُّوا بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا، كَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ وَالسَّبْعِينَ.
إذَا ادَّعَى دَيْنًا عَلَى مَيِّتٍ وَالْوَرَثَةُ الْكِبَارُ غُيَّبٌ وَالصَّغِيرُ حَاضِرٌ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَنْصِبَ عَنْ هَذَا الصَّغِيرِ وَكِيلًا يَدَّعِي عَلَيْهِ فَإِذَا قَضَى عَلَى الْوَكِيلِ يَكُونُ قَضَاءً عَلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ، كَذَا ذَكَرَ رَشِيدُ الدِّينِ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- قُلْتُ: غَيْرَ أَنَّ الْغَرِيمَ يَسْتَوْفِي دَيْنَهُ مِنْ نَصِيبِ الْحَاضِرِ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى نَصِيبِ الْكِبَارِ فَإِذَا حَضَرَ الْكِبَارُ يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
وَلَوْ كَانَ الْوَارِثُ الْحَاضِرُ كَبِيرًا فَأَقَرَّ الْوَارِثُ بِالدَّيْنِ عَلَى مُوَرِّثِهِ فَأَرَادَ الطَّالِبُ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ مَعَ إقْرَارِهِ لِيَكُونَ حَقُّهُ فِي جَمِيعِ التَّرِكَةِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْبَلُ بَيِّنَتَهُ عَلَى الْمُقِرِّ وَيَقْضِي وَيَكُونُ ذَلِكَ قَضَاءً عَلَى الْكُلِّ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى عَلَى وَصِيِّ الْمَيِّتِ فَأَقَرَّ الْوَصِيُّ بِالدَّيْنِ فَأَرَادَ الْمُدَّعِي أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ أَقَامَ عَلَى الْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا ادَّعَى دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ وَأَقَرَّ كُلُّ الْوَرَثَةِ فَأَرَادَ الطَّالِبُ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ الدَّيْنِ فِي حَقِّهِمْ وَفِي حَقِّ غَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَكُونُ لِلْمَيِّتِ غَرِيمٌ آخَرُ فَيَحْضُرُ وَدَيْنُهُ ظَاهِرٌ وَدَيْنُ الْمُقَرِّ لَهُ بِإِقْرَارِ الْوَرَثَةِ لَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ ذَلِكَ الْغَرِيمِ فَيَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ الدَّيْنِ بِالْبَيِّنَةِ، وَكَذَا إذَا أَقَرَّ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ بِالْوَصِيَّةِ فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ تُقْبَلُ أَيْضًا، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى غَائِبٍ دَيْنًا بِحَضْرَةِ رَجُلٍ يَدَّعِي أَنَّهُ وَكِيلُ الْغَائِبِ فِي الْخُصُومَةِ فَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْوَكَالَةِ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ حَتَّى لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِالدَّيْنِ عَلَى الْغَائِبِ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى عَلَى مَيِّتٍ بِحَضْرَةِ رَجُلٍ يَدَّعِي أَنَّهُ وَصِيُّ الْمَيِّتِ فَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْوِصَايَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا حَضَرَ الْوَكِيلُ وَادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْغَائِبِ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ الَّذِي لَهُ قِبَلَكَ وَبِقَبْضِ الْعَيْنِ الَّتِي لَهُ فِي يَدِكَ وَدِيعَةً وَصَدَّقَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِجَمِيعِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِدَفْعِ الدَّيْنِ وَلَا يُؤْمَرُ بِدَفْعِ الْعَيْنِ الْوَدِيعَةِ، وَإِذَا حَضَرَ الْوَصِيُّ وَقَالَ: إنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ تُوُفِّيَ وَأَوْصَى إلَيَّ بِقَبْضِ الدَّيْنِ الَّذِي فِي ذِمَّةِ هَذَا الرَّجُلِ وَبِقَبْضِ الْعَيْنِ الَّتِي فِي يَدِهِ وَصَدَّقَهُ صَاحِبُ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ إلَيْهِ جَمِيعًا، كَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ.
لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَدْيُونِ مَدْيُونِهِ لَا تُقْبَلُ وَلَا يَمْلِكُ أَخْذَ الدَّيْنِ مِنْهُ، أَمَّا إذَا ثَبَتَ الدَّيْنُ فِي تَرِكَتِهِ عِنْدَ الْقَاضِي وَأَقَرَّ رَجُلٌ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّ لِلْمَيِّتِ عَلَيْهِ دَيْنًا قَدْرُهُ كَذَا يَأْمُرُهُ بِالدَّفْعِ إلَى رَبِّ الدَّيْنِ.
وَفِي الْعُيُونِ لَوْ قَضَى هَذَا الَّذِي عَلَيْهِ لِلْمَيِّتِ أَلْفُ دِرْهَمٍ الْأَلْفَ الَّتِي عَلَى الْمَيِّتِ وَلِلْمَيِّتِ وَصِيٌّ بِغَيْرِ أَمْرِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: إنْ كَانَ قَالَ حِينَ قَالَ قَضَى هَذِهِ الْأَلْفَ الَّتِي لِفُلَانٍ الْمَيِّتِ عَلَيَّ مِنْ الْأَلْفِ الَّتِي لَكَ عَلَى الْمَيِّتِ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ لَكِنْ قَضَاهُ الْأَلْفَ عَنْ الْمَيِّتِ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
إذَا كَانَتْ الْوَرَثَةُ صِغَارًا وَكِبَارًا فَأَقَرَّ الْكِبَارُ بِالدَّيْنِ عَلَى الْأَبِ يَحْتَاجُ الْغَرِيمُ إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ لَيُثْبِتَ دَيْنَهُ فِي حَقِّ الصِّغَارِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
رَجُلٌ ادَّعَى دَيْنًا عَلَى مَيِّتٍ بِحَضْرَةِ وَارِثِهِ وَقَالَ: إنَّ الْمَيِّتَ قَدْ خَلَّفَ مِنْ التَّرِكَةِ مِنْ جِنْسِ هَذَا الدَّيْنِ فِي يَدِ الْوَارِثِ مَا بِهِ وَفَاءٌ بِالدِّينِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ لَا شَكَّ أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ يَكْفِي لِأَمْرِ الْوَارِثِ بِإِحْضَارِ هَذَا الْمَالِ حَتَّى يَشْهَدَ الشُّهُودُ بِحَضْرَةِ الْمَالِ أَنَّ هَذَا مَالُ الْمَيِّتِ، وَلَوْ اكْتَفَى بِهَذَا الْقَدْرِ لِلْقَضَاءِ عَلَى الْوَارِثِ كَانَ جَائِزًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
بَرْهَنَ عَلَى دَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ وَعَلَى وَفَاءٍ التَّرِكَةِ بِهِ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ التَّرِكَةِ فَلَوْ كَانَ عَقَارًا لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ حُدُودِهِ، وَإِنْ ادَّعَى إقْرَارَ الْوَرَثَةِ بِالْوَفَاءِ لَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ التَّرِكَةِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُقْبَلُ بِلَا بَيَانِ التَّرِكَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَإِنْ اسْتَوْفَى غَرِيمُ الْمَيِّتِ وَبَرْهَنَ عَلَى الْوَفَاءِ وَبَيَّنَ التَّرِكَةَ ثُمَّ بَرْهَنَ غَرِيمٌ آخَرُ لَا يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ التَّرِكَةِ وَالْوَفَاءِ، وَإِذَا أَنْكَرَ الْوَارِثُ دَيْنَ الْغَرِيمِ الثَّانِي وَصَدَّقَهُ الْغَرِيمُ الْأَوَّلُ يُشَارِكُ الثَّانِي الْأَوَّلَ لِإِقْرَارِهِ بِالشَّرِكَةِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
لَوْ أَنَّ رَجُلًا تُوُفِّيَ فَجَاءَ قَوْمٌ إلَى الْقَاضِي وَقَالُوا إنَّ فُلَانًا تُوُفِّيَ وَلَنَا عَلَيْهِ أَمْوَالٌ وَقَدْ تَرَكَ أَمْوَالًا وَعَدَا وَرَثَتُهُ عَلَى مَالِهِ وَهُمْ يُفَرِّقُونَهُ وَيَسْأَلُونَ الْقَاضِيَ أَنْ يَأْمُرَ بِجَعْلِ التَّرِكَةِ مَوْقُوفَةً حَتَّى يُثْبِتُوا عِنْدَهُ حُقُوقَهُمْ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَتَعَرَّضَ لِلْوَرَثَةِ بِمَا فِي أَيْدِيهمْ، فَإِنْ قَالُوا: لَنَا شُهُودٌ حُضُورٌ نُقِيمُهَا فِي حَاضِرِ الْمَجْلِسِ، أَوْ فِي الْمَجْلِسِ الثَّانِي وَالْوَارِثُ مِمَّنْ يُخَافُ عَلَيْهِ الْإِتْلَافُ وَالْإِسْرَافُ، أَوْ شَهِدَ أَنَّ فُلَانًا مَاتَ وَلَهُ غُرَمَاءُ، أَوْ عَرَفَ الْقَاضِي هَؤُلَاءِ الْمُدَّعِينَ بِالصَّلَاحِ، أَوْ مَالَ قَلْبُهُ إلَى أَنَّهُمْ صَادِقُونَ وَالْوَارِثُ مِمَّنْ يُخَافُ عَلَيْهِ الْإِتْلَافُ وَالْإِسْرَافُ فِي الِاسْتِحْسَانِ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَقِفَهُ أَيَّامًا، وَكَذَا سَبِيلُ مَنْ ادَّعَى وَصِيَّةً مِنْ الْمَيِّتِ، كَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ.
إذَا كَانَ الدَّيْنُ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ مُشْتَرَكًا عَلَى إنْسَانٍ فَغَابَ اثْنَانِ وَحَضَرَ الثَّالِثُ وَطَلَبَ نَصِيبَهُ يُجْبَرُ الْمَدْيُونُ عَلَى الدَّفْعِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ.
لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَدَّمَ رَجُلًا إلَى الْقَاضِي، وَقَالَ: إنَّ أَبِي فُلَانًا مَاتَ، وَلَمْ يَتْرُكْ وَارِثًا غَيْرِي وَلَهُ عَلَى هَذَا كَذَا كَذَا مِنْ الْمَالِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَسْأَلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنْ أَقَرَّ بِجَمِيعِ مَا ادَّعَى صَحَّ إقْرَارُهُ وَأَمَرَ بِتَسْلِيمِ الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ، فَأَمَّا إذَا أَنْكَرَ، فَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَأَمَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِتَسْلِيمِ الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ جَمِيعًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ وَأَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى مَا ادَّعَى ذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ قَالَ الْخَصَّافُ: فِيهَا قَوْلٌ آخَرُ يَحْلِفُ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَبُّ الدَّيْنِ إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ الْوَرَثَةَ بَاعُوا عَبْدًا مِنْ التَّرِكَةِ وَالتَّرِكَةُ مُسْتَغْرَقَةٌ بِالدَّيْنِ فَقَالَتْ الْوَرَثَةُ إنَّ أَبَانَا بَاعَ هَذَا الْعَبْدَ حَالَ حَيَاتِهِ وَأَخَذَ الثَّمَنَ وَأَقَامُوا الْبَيِّنَةَ فَبَيِّنَةُ رَبِّ الدَّيْنِ أَوْلَى، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
التَّرِكَةُ إذَا كَانَتْ مُسْتَغْرَقَةً بِالدَّيْنِ فَجَاءَ غَرِيمٌ آخَرُ وَأَرَادَ إثْبَاتَ دَيْنِهِ بِالْبَيِّنَةِ فَإِنَّمَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَى الْوَارِثِ لَا عَلَى غَرِيمٍ آخَرَ وَلَكِنْ لَا يَحْلِفُ الْوَارِثُ هَذَا هُوَ الْمَذْكُورُ فِي سَائِرِ الْكُتُبِ، وَلَمْ يُذْكَرْ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُتُبِ أَنَّهُ هَلْ يَصِحُّ إقْرَارُ هَذَا الْوَارِثِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ حَتَّى لَوْ ظَهَرَ لِلْمَيِّتِ مَالٌ آخَرُ يُسْتَوْفَى دَيْنُ هَذَا الْغَرِيمِ مِنْ نَصِيبِ الْوَارِثِ الْمُقِرِّ؟ يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ وَلَكِنْ لَا يَحْلِفُ لِهَذِهِ الْفَائِدَةِ الْمَوْهُومَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
ذُكِرَ فِي فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ أَنَّ التَّرِكَةَ إذَا كَانَتْ غَيْرَ مُسْتَغْرَقَةٍ وَالْغَرِيمُ أَثْبَتَ الدَّيْنَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ يَبِيعُ الْحَاضِرُ نَصِيبَهُ وَيَقْضِي مَا يَخُصُّهُ مِنْ الدَّيْنِ وَلَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ بَيْعِ نَصِيبِ غَيْرِهِ لِيَقْضِيَ الدَّيْنَ، وَلَوْ كَانَتْ التَّرِكَةُ مُسْتَغْرَقَةً لَا يَبِيعُهُ إلَّا بِرِضَا الْغُرَمَاءِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
لَوْ كَانَتْ التَّرِكَةُ ثَلَاثَةَ آلَافٍ وَالدَّيْنُ أَلْفٌ وَقَدْ قُسِّمَتْ بَيْنَ ثَلَاثَةِ بَنِينَ يَأْخُذُ رَبُّ الدَّيْنِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثُلُثَ الْأَلْفِ لَوْ ظَفِرَ بِهِمْ جُمْلَةً عِنْدَ الْقَاضِي أَمَّا إذَا ظَفِرَ بِأَحَدِهِمْ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مِنْهُ جَمِيعَ مَا فِي يَدِهِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَلِلْوَرَثَةِ حَقُّ اسْتِخْلَاصِ التَّرِكَةِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ، وَكَذَا لِأَحَدِ الْوَرَثَةِ إذَا امْتَنَعَ الْبَاقُونَ، وَلَوْ امْتَنَعَ الْكُلُّ عَنْ الِاسْتِخْلَاصِ وَعَنْ قَضَاءِ الدَّيْنِ لَا يُجْبَرُونَ وَلَكِنَّ الْقَاضِيَ يُنَصِّبُ وَصِيًّا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
ادَّعَى عَلَى وَاحِدٍ مِنْ وَرَثَةِ مَيِّتٍ دَيْنًا وَأَثْبَتَهُ وَالتَّرِكَةُ فِي يَدِ أَجْنَبِيٍّ فَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَطْلُبَ التَّرِكَةَ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
رَجُلٌ مَاتَ فِي بَلْدَةٍ وَمَالُهُ وَتَرِكَتُهُ فِي يَدِ أَجْنَبِيٍّ حَيْثُ تُوُفِّيَ وَوَرَثَتُهُ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى فَادَّعَى قَوْمٌ حُقُوقًا وَأَمْوَالًا، فَإِنْ كَانَ الْبَلَدُ الَّذِي فِيهِ الْوَرَثَةُ مُنْقَطِعًا عَنْ هَذِهِ الْبَلْدَةِ جَعَلَ لَهُ الْقَاضِي وَصِيًّا فَيُثْبِتُونَ دُيُونَهُمْ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُنْقَطِعًا لَمْ يَجْعَلْ الْقَاضِي لَهُ وَصِيًّا لَكِنْ يَسْمَعُ شُهُودَ الْمُدَّعِينَ وَيَكْتُبُ لَهُمْ بِمَا يَصِحُّ عِنْدَهُ مِنْ أُمُورِهِمْ إلَى قَاضِي بَلَدٍ فِيهِ الْوَرَثَةُ لِيَقْضِيَ لَهُمْ، ثُمَّ يَكْتُبُ ذَلِكَ الْقَاضِي إلَى الْكَاتِبِ لِيُسَلِّمَ التَّرِكَةَ إلَيْهِمْ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ وَكَانَتْ وَرَثَتُهُ صِغَارًا لَيْسَ فِيهِمْ مَنْ يَقُومُ بِحُجَّةٍ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَجْعَلَ لَهُمْ وَصِيًّا يَقُومُ بِأَمْرِهِمْ، فَإِنْ أَثْبَتَ الْغُرَمَاءُ حُقُوقَهُمْ بِمَحْضَرٍ مِنْ هَذَا الْوَصِيِّ وَسَأَلُوا الْقَاضِيَ أَنْ يَأْمُرَ بِدَفْعِهِ إلَيْهِمْ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ فَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَحْلِفَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ- قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِمْ شَيْئًا- بِاَللَّهِ مَا قَبَضْتُ شَيْئًا مِنْ هَذَا الْمَالِ الَّذِي ثَبَتَ لَكَ مِنْ فُلَانٍ وَلَا مِنْ أَحَدٍ أَدَّاهُ إلَيْكَ عَنْهُ وَلَا قَبَضَ ذَلِكَ قَابِضٌ بِأَمْرِكَ وَلَا أَبْرَأْتُهُ مِنْهُ وَلَا مِنْ شَيْءٍ مِنْهُ وَلَا أَحَالَ بِذَلِكَ وَلَا بِشَيْءٍ مِنْهُ فُلَانٌ الْمَيِّتُ وَلَا ارْتَهَنْتُ بِذَلِكَ وَلَا بِشَيْءٍ مِنْهُ رَهْنًا مِنْ فُلَانٍ، وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الْوَصِيُّ ذَلِكَ فَإِذَا حَلَفَ أُمِرَ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ، وَإِنْ نَكَلَ لَمْ يَحْكُمْ لَهُ بِشَيْءٍ، وَلَمْ يَأْمُرْ بِالدَّفْعِ، وَكَذَلِكَ إنْ مَاتَ رَجُلٌ وَلَمْ يُوصِ إلَى أَحَدٍ، وَلَمْ يُخَلِّفْ وَارِثًا وَادَّعَى عَلَيْهِ قَوْمٌ مَالًا وَحُقُوقًا فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَجْعَلُ لَهُ وَصِيًّا ثُمَّ يَدْعُوهُمْ بِبَيِّنَاتِهِمْ عَلَى مَا يَدَّعُونَ بِمَحْضَرٍ مِنْ هَذَا الْوَصِيِّ فَإِذَا ثَبَتَ الْحَقُّ حَلَفَ الْمُدَّعِي عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي مَرَّ، كَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ.
بَرْهَنَ عَلَى أَنَّ لَهُ كَذَا عَلَى الْمَيِّتِ يَحْلِفُ عَلَى أَنَّهُ مَا اسْتَوْفَاهُ وَلَا شَيْئًا مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الْوَرَثَةُ الِاسْتِيفَاءَ، وَفِي الْفَتَاوَى وَإِنْ أَبَى الْوَرَثَةُ التَّحْلِيفَ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
لَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ لَهُمَا عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَهُمَا شَرِيكَانِ فِيهِ وَالْمَدْيُونُ يَجْحَدُ الدَّيْنَ فَحَضَرَ أَحَدُهُمَا وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى دَيْنِهِمَا وَالشَّرِيكَ الْآخَرُ غَائِبٌ ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يَقْضِي لِلْحَاضِرِ بِخَمْسِمِائَةٍ، وَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ كُلِّفَ بِإِعَادَةِ الْبَيِّنَةِ وَلَا يُجْعَلُ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ فِي وَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْأَلْفُ مِيرَاثًا بَيْنَهُمَا مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ دَخَلَ مَعَ شَرِيكِهِ فِي الْخَمْسمِائَةِ الَّتِي قَبَضَ الشَّرِيكُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلَيْنِ مَالًا فِي صَكٍّ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَأَحَدُهُمَا حَاضِرٌ وَالْآخَرُ غَائِبٌ وَالْحَاضِرُ يَجْحَدُ يَقْضِي عَلَى الْحَاضِرِ بِنِصْفِ الْمَالِ عَلَى الْمُخْتَارِ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَفِيلًا عَنْ الْغَائِبِ بِأَمْرِهِ فَإِنَّهُ يَقْضِي عَلَيْهِ بِجَمِيعِ الْمَالِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
رَجُلٌ يَدَّعِي دَيْنًا عَلَى رَجُلٍ وَكَّلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ رَجُلَيْنِ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا عَلَى أَحَدِ الْوَكِيلَيْنِ وَشَاهِدًا عَلَى الْوَكِيلِ الْآخَرِ جَازَ، وَلَوْ أَقَامَ شَاهِدًا عَلَى الْمُوَكِّلِ وَشَاهِدًا عَلَى الْوَكِيلِ، أَوْ أَقَامَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ شَاهِدًا وَعَلَى وَصِيِّهِ، أَوْ وَارِثِهِ شَاهِدًا، أَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ وَصِيَّانِ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي عَلَى أَحَدِهِمَا شَاهِدًا وَعَلَى الْآخَرِ شَاهِدًا جَازَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
الْوَصِيُّ إذَا ادَّعَى دَيْنًا فِي التَّرِكَةِ فَالْقَاضِي يُنَصِّبُ وَصِيًّا آخَرَ لِيَدَّعِيَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ وَادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ لِأَبِيهِمَا عَلَى هَذَا الرَّجُلِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهُ كَانَ مِنْ قَرْضٍ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَى فَإِنَّهُ يَقْضِي لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِخَمْسِمِائَةٍ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُشَارِكَ صَاحِبَهُ فِيمَا قَبَضَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
فِي فَصْلٍ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالنِّكَاحِ وَالْمَهْرِ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى.
فِي كِتَابِ الْإِمْلَاءِ عَنْ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِيمَنْ هَلَكَ وَتَرَكَ مَالًا فِي يَدِ رَجُلٍ مِنْ دَرَاهِمَ، أَوْ دَنَانِيرَ، أَوْ عَقَارًا، أَوْ رَقِيقًا، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ ذَلِكَ الدَّيْنَ لَهُ، أَوْدَعَهُ الْمَيِّتَ، أَوْ غَصَبَ مِنْهُ الْمَيِّتُ وَصَدَّقَهُ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْمَالُ بِذَلِكَ وَبِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ الْمَيِّتَ وَتَرَكَ وَارِثًا صَغِيرًا، أَوْ تَرَكَ وَارِثًا غَائِبًا فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَدْفَعُ إلَى الْمُدَّعِي شَيْئًا بِإِقْرَارِ الَّذِي فِي يَدَيْهِ وَيَجْعَلُ فِي بَيْتِ الْمَالِ بَعْدَ التَّلَوُّمِ وَالِانْتِظَارِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
إذَا ادَّعَى بَعْضُ الْمُقْتَسِمِينَ مِنْ وَرَثَةٍ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً تُقْبَلُ وَتُنْقَضُ الْقِسْمَةُ، وَلَمْ تَكُنْ الْقِسْمَةُ إبْرَاءً عَنْ الدَّيْنِ بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَى عَيْنًا مِنْ أَعْيَانِ التَّرِكَةِ حَيْثُ لَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ، كَذَا فِي الصُّغْرَى.

.الباب الثالث عشر في دعوى الوكالة والكفالة والحوالة:

رَجُلٌ مِنْ وُكَلَاءِ بَابِ الْقَاضِي ادَّعَى قِبَلَ الْقَاضِي عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ وَكِيلٌ مِنْ وَجِهَةِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْغَائِبِ بِإِثْبَاتِ حُقُوقِهِ وَدُيُونِهِ عَلَى النَّاسِ وَلِلْغَائِبِ عَلَى هَذَا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ قَرْضٌ، مُرْهُ حَتَّى يُسَلِّمَ إلَيَّ فَلَمْ يُجِبْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَكِنَّ وَكِيلًا آخَرَ مِنْ وُكَلَاءِ بَابِ الْقَاضِي بِحَضْرَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَجَابَ، وَقَالَ: إنَّ مُوَكِّلِي يَقُولُ: لَيْسَ عَلَيَّ هَذِهِ الْعَشَرَةُ وَلَيْسَ لِي عِلْمٌ بِهَذِهِ الْوَكَالَةُ فَأَقَامَ الْوَكِيلُ شَاهِدَيْنِ عَلَى التَّوْكِيلِ وَطَلَبَ الْحُكْمَ مِنْ الْقَاضِي فَقَضَى الْقَاضِي بِثُبُوتِ وَكَالَتِهِ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ سَاكِتٌ لَمْ يُجِبْ أَصْلًا وَتَوْكِيلُ الْوَكِيلِ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَيْسَ بِثَابِتٍ هَلْ يَصِحُّ هَذَا الْحُكْمُ؟ وَهَلْ يَثْبُتُ التَّوْكِيلُ؟ قِيلَ: لَا وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ وَهِيَ وَاقِعَةُ الْعَامَّةِ فَلْتُحْفَظْ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلُ فُلَانٍ بِاسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ مِنْ رَجُلٍ وَأَحْضَرَهُ مَجْلِسَ الْحُكْمِ فَادَّعَى الْمَدْيُونُ الْإِبْرَاءِ وَالْإِيفَاءَ، وَقَالَ الْوَكِيلُ عَزَلَنِي الْمُوَكِّلُ إنْ كَانَ التَّوْكِيلُ بِالْتِمَاسِ الْخَصْمِ لَا تُسْمَعُ هَذِهِ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ عَزْلَهُ، وَإِنْ كَانَ التَّوْكِيلُ بِغَيْرِ الْتِمَاسٍ مِنْ جِهَتِهِ تُسْمَعُ وَلَكِنْ إنَّمَا يَثْبُتُ إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْعَزْلِ أَمَّا بِدُونِ الْبَيِّنَةِ فَلَا، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ هَكَذَا وَلَكِنَّهُ قَالَ لَسْتُ بِوَكِيلٍ وَصَدَّقَهُ الْخَصْمُ لَا يَصِحُّ، وَأَثَرُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ صَالَحَ مَعَ الْخَصْمِ ثُمَّ قَالَ لَسْتُ بِوَكِيلٍ وَأَرَادَ اسْتِرْدَادَ مَا دَفَعَ وَصَدَّقَهُ الْخَصْمُ لَا تُسْمَعُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَكَّلَهُ بِقَبْضِ دَيْنِهِ، أَوْ وَدِيعَتِهِ وَصَدَّقَهُ الْمُودِعُ، أَوْ الْغَرِيمُ وَمَعَ ذَلِكَ بَرْهَنَ الْوَكِيلُ عَلَى وَكَالَتِهِ لَهُ ذَلِكَ، وَفَائِدَتُهُ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا حَكَمَ بِوَكَالَتِهِ عَلَى الْحَاضِرِ بِالْبَيِّنَةِ ثُمَّ أَحْضَرَ خَصْمًا آخَرَ لَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمَحْضَرِ الثَّانِي، وَكَذَا لَوْ بَرْهَنَ بِوَكَالَتِهِ عَلَى هَذَا الْحَقِّ ثُمَّ غَابَ الْوَكِيلُ وَحَضَرَ الْمُوَكِّلُ، أَوْ وَكِيلٌ آخَرُ لَهُ فِي طَلَبِ هَذَا الْحَقِّ لَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَتِهَا، وَكَذَا لَوْ بَرْهَنَ شَاهِدًا فَرْدًا عَلَى هَذَا الْغَرِيمِ وَفَرْدًا عَلَى غَرِيمٍ لَهُ آخَرَ، أَوْ وَارِثٍ آخَرَ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
رَجُلٌ حَضَرَ مَجْلِسَ الْقَضَاءِ وَوَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِ كُلِّ حَقٍّ لَهُ بِبُخَارَى وَالْخُصُومَةِ، وَلَيْسَ مَعَهُمَا أَحَدٌ لِلْمُوَكِّلِ قِبَلَهُ حَقٌّ، فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي يَعْرِفُ الْمُوَكِّلَ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ قَبِلَ وَكَالَتَهُ حَتَّى إذَا أَحْضَرَ الْوَكِيلُ بَعْدَ غَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ رَجُلًا يَدَّعِي لِلْمُوَكِّلِ عَلَيْهِ حَقًّا تُسْمَعُ خُصُومَتُهُ وَلَا يُكَلَّفُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْوَكَالَةِ، وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي لَا يَعْرِفُ الْمُوَكِّلَ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ لَا يَقْبَلُ وَكَالَتَهُ، فَإِنْ قَالَ الْمُوَكِّلُ أَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ، وَقَالَ إنِّي فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ لِيَقْضِيَ بِوَكَالَتِي هَذِهِ لِهَذَا الرَّجُلِ فَالْقَاضِي لَا يَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى.
رَجُلٌ قَدَّمَ رَجُلًا إلَى الْقَاضِي، وَقَالَ إنَّ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ عَلَى هَذَا أَلْفَ دِرْهَمٍ وَقَدْ وَكَّلَنِي بِالْخُصُومَةِ فِيهَا وَفِي كُلِّ حَقٍّ لَهُ وَبِقَبْضِهِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ جُمْلَةً قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: لَا أَقْبَلُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمَالِ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَكَالَةِ، وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَكَالَةِ وَالدَّيْنِ جُمْلَةً يَقْضِي بِالْوَكَالَةِ وَيُعِيدُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الدَّيْنِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْكُلِّ يَقْضِي بِالْكُلِّ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الدَّيْنِ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَمُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَخَذَ بِالِاسْتِحْسَانِ لِحَاجَةِ النَّاسِ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْوَصِيُّ إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الدَّيْنِ وَالْوِصَايَةِ جُمْلَةً وَالْوَارِثُ إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى النَّسَبِ وَمَوْتِ الْمُوَرِّثِ وَالدَّيْنِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
رَجُلٌ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى رَجُلٍ أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ وَكَّلَهُ وَفُلَانَ بْنَ فُلَانٍ بِقَبْضِ الْمَالِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ فَجَحَدَ الْغَرِيمُ الدَّيْنَ وَالْوَكَالَةَ، أَوْ جَحَدَ الْوَكَالَةَ خَاصَّةً فَأَقَامَ الْوَكِيلُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَكَالَةِ وَالدَّيْنِ جُمْلَةً هَلْ يَقْضِي بِوَكَالَتِهِمَا وَبِالدَّيْنِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- تُقْبَلُ وَيَقْضِي وَعِنْدَهُمَا لَا تُقْبَلُ، وَإِذَا أَثْبَتَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ وَبِمِثْلِهِ لَوْ أَقَامَ هَذَا الْوَكِيلُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ وَكَّلَهُ وَفُلَانًا الْغَائِبَ بِالْخُصُومَةِ مَعَ فُلَانٍ، أَوْ بِقَبْضِ الدَّيْنِ وَأَجَازَ مَا صَنَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنَّهُ يَقْضِي بِوَكَالَةِ الْحَاضِرِ دُونَ الْغَائِبِ، وَالْوَصِيُّ لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ فُلَانًا أَوْصَى إلَيْهِ وَإِلَى فُلَانٍ الْغَائِبِ عِنْدَهُمَا يَقْضِي بِوِصَايَتِهِ وَبِوِصَايَةِ الْغَائِبِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يَقْضِي بِوِصَايَتِهِ وَحْدَهُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
لَوْ أَقَامَ الْوَكِيلُ بَيِّنَةً عَلَى الْوَكَالَةِ فَقَبْلَ أَنْ يُزَكَّى الشُّهُودُ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْحَقِّ عَلَى الْغَرِيمِ تُسْمَعُ وَيَقْضِي بِهِ إذَا زُكِّيَتْ بَيِّنَةُ الْوَكَالَةِ وَتَثْبُتُ الْوَكَالَةُ سَابِقًا عَلَيْهِ وَيَصِيرُ وَكِيلًا فِي حَقِّ جَمِيعِ أَهْلِ الْبَلَدِ إذَا كَانَتْ الْوَكَالَةُ عَامَّةً، وَكَذَا الْوَصِيُّ، أَوْ الْوَارِثُ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى الْوِصَايَةِ وَالْوِرَاثَةِ وَقَبْلَ أَنْ تُزَكَّى أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْحَقِّ ثُمَّ زُكِّيَتْ صَحَّ، وَإِنْ لَمْ تُزَكَّ بَيِّنَةُ الْوَكَالَةِ، أَوْ الْوِصَايَةِ بَطَلَتْ بَيِّنَةُ الْحَقِّ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ.
ادَّعَى عَلَى آخَرَ الْكَفَالَةَ بِمَالِ الْإِجَارَةِ مُعَلَّقَةً بِالْفَسْخِ، وَقَالَ: إنِّي قَدْ فَسَخْتُ الْإِجَارَةَ وَلَزِمَكَ الْمَالُ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً وَالْآجِرُ غَائِبٌ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَيَكُونُ ذَلِكَ قَضَاءً عَلَى الْآجِرِ وَانْتَصَبَ الْكَفِيلُ خَصْمًا عَنْهُ، وَإِذَا أَدَّى الْكَفِيلُ رَجَعَ عَلَى الْآجِرِ إنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِهِ وَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ، فَإِنْ حَضَرَ الْآجِرُ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ الْمُدَّعِي مِنْ الْكَفِيلِ شَيْئًا وَأَنْكَرَ الْفَسْخَ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى إنْكَارِهِ وَكَانَ الْفَسْخُ مَاضِيًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
بَرْهَنَ أَنَّ لَهُ عَلَى الْغَائِبِ أَلْفًا وَهَذَا كَفِيلٌ عَنْهُ إنْ ادَّعَى كَفَالَةً مُبْهَمَةً بِأَنْ قَالَ لِلْكَفِيلِ: تَكَفَّلْتَ بِكُلِّ مَالِكَ عَلَى فُلَانٍ وَلِي عَلَيْهِ أَلْفٌ وَذَكَرَ شُهُودُهُ مِثْلَ ذَلِكَ وَنَصُّوا عَلَى قَبُولِهَا قَضَى بِهَا عَلَى الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ وَلَهُ مُطَالَبَةُ أَيِّهِمَا شَاءَ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ بَعْدَ حُضُورِ الْأَصْلِ، وَإِنْ فَسَّرَ الْكَفَالَةَ وَقَالَ: كَفَلْتَ بِأَلْفٍ لِي عَلَى الْغَائِبِ إنْ قَالَ كَانَتْ بِأَمْرِهِ وَبَرْهَنَ حُكِمَ بِهَا عَلَيْهِمَا كَمَا مَرَّ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْأَمْرَ وَبَرْهَنَ فَعَلَى الْكَفِيلِ خَاصَّةً فَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ لَا بُدَّ مِنْ إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ كَفَلَ لَهُ أَنَّهُ إنْ مَاتَ فُلَانٌ مُجْهِلًا لِوَدِيعَتِي وَهِيَ كَذَا فَضَمَانُهَا عَلَيَّ وَقَدْ مَاتَ فُلَانٌ مُجْهِلًا لِوَدِيعَتِي وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ هَلْ تُسْمَعُ هَذِهِ الدَّعْوَى فَقَدْ قِيلَ: تُسْمَعُ وَفِي دَعْوَى الْكَفَالَةِ لَا بُدَّ وَأَنْ يَقُولَ وَأَنَا أَجَزْتُ كَفَالَتَهُ مَجْلِسَ الْكَفَالَةِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الشَّيْخُ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَقَدْ قِيلَ: لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ وَدَعْوَى الْكَفَالَةِ تَتَضَمَّنُ ذِكْرَ الْإِجَازَةِ كَدَعْوَى الْبَيْعِ تَتَضَمَّنُ ذِكْرَ الشِّرَاءِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ أَقَامَ عَلَى الْحَاضِرِ بَيِّنَةً أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى فُلَانٍ الْغَائِبِ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَأَنَّ الْحَاضِرَ كَفِيلٌ عَنْ الْغَائِبِ بِأَمْرِهِ يَقْضِي عَلَيْهِمَا بِالْأَلْفِ، وَلَوْ ادَّعَى أَنَّ الْغَائِبَ كَفِيلٌ عَنْ الْحَاضِرِ لَا يَقْضِي إلَّا بِنَصِيبِ الْحَاضِرِ، وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ كَفِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ ثَبَتَ عَلَى الْحَاضِرِ الْخَمْسُمِائَةِ بِالْأَصَالَةِ وَالْخَمْسُمِائَةِ بِالْكَفَالَةِ وَثَبَتَ عَلَى الْغَائِبِ الْخَمْسُمِائَةِ بِالْأَصَالَةِ لَا غَيْرُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْكَفَالَةَ عَلَى الْغَائِبِ لَا تَثْبُتُ وَالْأَصَالَةُ تَثْبُتُ إذَا ثَبَتَتْ الْكَفَالَةُ عَلَى الْحَاضِرِ عَنْ الْغَائِبِ بِأَمْرِهِ، وَأَمَّا بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَلَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ.
بَاعَ مِنْهُمَا مَتَاعًا بِأَلْفٍ وَكَفَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ بِأَمْرِهِ فَلَقِيَ أَحَدَهُمَا وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ يُحْكَمُ بِالْأَلْفِ عَلَيْهِ نِصْفُهَا أَصَالَةً وَنِصْفُهَا كَفَالَةً، وَإِنْ لَمْ يَسْتَوْفِ مِنْهُ شَيْئًا حَتَّى لَقِيَ الْمُشْتَرِيَ الْآخَرَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ مِنْهُ بِلَا إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ كَفَلَ لَهُ هُوَ وَفُلَانٌ الْغَائِبُ مِنْ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَإِنَّهُ يَقْضِي لَهُ عَلَى الْحَاضِرِ بِأَلْفٍ وَيَأْخُذُ بِهِ أَيَّهمَا شَاءَ، فَإِنْ وُجِدَ الْغَائِبُ لَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
بَرْهَنَ عَلَى أَنَّهُ كَفِيلٌ لَهُ عَنْ فُلَانٍ بِأَلْفٍ وَحُكِمَ بِهِ فَأَبْرَأَ الْكَفِيلَ عَنْ الْكَفَالَةِ ثُمَّ عَلِمَ فَسَادَ الدَّعْوَى وَالْحُكْمِ وَأَرَادَ إعَادَةَ الدَّعْوَى عَلَى هَذَا الْكَفِيلِ عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ لَا يَصِحُّ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
امْرَأَةٌ ادَّعَتْ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ كَفَلَ لَهَا بِدِينَارٍ مِنْ صَدَاقِهَا الَّذِي لَهَا عَلَى زَوْجِهَا فُلَانٍ مُعَلَّقًا بِالْفُرْقَةِ وَقَدْ تَحَقَّقَتْ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ جَعَلَ الْأَمْرَ بِيَدِي مَتَى غَابَ عَنِّي شَهْرًا وَقَدْ غَابَ شَهْرًا فَطَلَّقْتُ نَفْسِي فِي مَجْلِسِي فَأَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْغَيْبَةِ وَالْأَمْرِ وَالطَّلَاقِ بِحَضْرَةِ الْكَفِيلِ تُقْبَلُ، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ غَائِبًا يَنْتَصِبُ الْكَفِيلُ خَصْمًا عَنْ الزَّوْجِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
اشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضَ الْعَبْدُ بِإِذْنِ الْبَائِعِ وَطَلَبَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ فَقَالَ الْمُشْتَرِي قَدْ كُنْتُ أَحَلْتُهُ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ الْغَائِبِ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَيَتَعَدَّى ذَلِكَ إلَى الْغَائِبِ وَفِي مِثْلِ هَذَا يَنْتَصِبُ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.